فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان:

{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}.
المصرخ: المغيث.
قال الشاعر:
فلا تجزعوا إني لكم غير مصرخ ** وليس لكم عني غناء ولا نصر

والصارخ المستغيث، صرخ يصرخ صرخًا وصراخًا وصرخة.
قال سلامة بن جندل:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع ** كان الصراخ له قرع الظنابيب

واصطرخ بمعنى صرخ، وتصرخ تكلف الصراخ، واستصرخ استغاث فقال: استصرخني فاصرخته والصريخ مصدر كالتريخ ويوصف به المغيث والمستغيث من الأضداد.
{وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم}: مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما ذكر محاورة الاتباع لرؤسائهم الكفرة، ذكر محاورة الشيطان وأتباعه من الإنس، وذلك لاشتراك الرؤساء والشياطين في التلبس بالإضلال.
والشيطان هنا إبليس، وهو رأس الشياطين.
وفي حديث الشفاعة من حديث عقبة بن عامر: «أن الكافرين يقولون: وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا، فيقولون: ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم، فقم أنت فاشفع لنا، فإنّك أضللتنا، فيقوم فيثور من مجلسه أنتن ريح شمه أحد ويقول عند ذلك: {إن الله قد وعدكم} الآية».
وعن الحسن: يقف إبليس خطيبًا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعًا فيقول: {إنّ الله وعدكم وعد الحق}، يعني: البعث، والجنة، والنار، وثواب المطيع، وعقاب العاصي، فصدقكم وعده، {ووعدتكم} أنْ لا بعث ولا جنة ولا نار، ولا ثواب ولا عقاب، {فأخلفتكم}. {قضي الأمر} تعين قوم للجنة وقوم للنار، وذلك كله في الموقف، وعليه يدل حديث الشفاعة أو بعد حصول أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ويدل عليه ما ذكرناه عن الحسن، وهو تأويل الطبري.
وقيل: {قضي الأمر} قطع وفرغ منه، وهو الحساب، وتصادر الفريقين إلى مقربهما.
و{وعد الحق} يحتمل أن يكون من إضافة الموصوف إلى صفته أي: الوعد الحق، وأن يكون {الحق} صفة الله أي: وعده، وأن يكون {الحق} الشيء الثابت وهو البعث والجزاء على الأعمال أي: فوفى لكم بما وعدكم {ووعدتكم} خلاف ذلك {فأخلفتكم}، و{إلا أنّ دعوتكم} الظاهر أنه استثناء منقطع، لأنّ دعاءه إياهم إلى الضلالة ووسوسته ليس من جنس السلطان، وهو الحجة البينة.
قيل: ويحتمل أن يريد بالسلطان الغلبة والتسليط والقدرة أي: ما اضطررتكم ولا خوفتكم بقوة مني، بل عرضت عليكم شيئًا فأتى رأيكم عليه.
وقيل: هو استثناء متصل، لأنّ القدرة على حمل الإنسان على الشيء تارة يكون بالقهر من الحامل، وتارة يكون بتقوية الداعية في قلبه وذلك بإلقاء الوسواس إليه، فهذا نوع من أنواع التسليط.
وقيل: وظاهر هذا الكلام يدل على أنّ الشيطان لا قدرة له على صرع الإنسان وتعويج أعضائه وجوارحه، وإزالة عقله، فلا تلوموني.
وقرئ: {فلا يلوموني} بالياء على الغيبة، وهو التفات يريد في ما آتيتموه من الضلال، {ولوموا أنفسكم} في سوء نظركم واستجابتكم لدعائي من غير تثبت ولا حجة.
وقال الزمخشري: ولوموا أنفسكم حيث اغتررتم، وأطعتموني إذ دعوتكم، ولم تطيعوا ربكم إذ دعاكم، وهذا دليل على أن الإنسان هو الذي يختار الشقاوة والسعادة ويحصلها لنفسه، وليس من الله إلا التمكين، ولا من الشيطان إلا التزيين، ولو كان الأمر كما يزعم المجبرة لقال: فلا تلوموني ولا أنفسكم، فإنّ الله قد قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه انتهى.
وهو على طريق الاعتزال.
{ما أنا بمصرخكم} قال ابن عباس: بنافعكم.
وقال ابن جبير: بمنقذكم، وقال الربيع: بمنجيكم، وقال مجاهد: بمغيثكم، وكلها أقوال متقاربة.
وقرأ يحيى بن وثاب، والأعمش، وحمزة: {بمصرخي} بكسر اللياء، وطعن كثير من النحاة في هذه القراءة.
قال الفراء: لعلها من وهم القراء، فإنه قل من سلم منهم من الوهم، ولعله ظن أنّ الباء في بمصرخي خافضة للفظ كله، والباء للمتكلم خارجة من ذلك.
وقال أبو عبيد: نراهم غلطوا، ظنوا أنّ الباء تكسر لما بعدها.
وقال الأخفش: ما سمعت هذا من أحد من العرب، ولا من النحويين.
وقال الزجاج: هذه القراءة عند جميع النحويين رديئة مرذولة، ولا وجه لها إلا وجه ضعيف.
وقال النحاس: صار هذا إجماعًا، ولا يجوز أن يحمل كتاب الله على الشذوذ.
وقال الزمخشري: هي ضعيفة، واستشهدوا لها ببيت مجهول:
قال لها هل لك يا تافيّ ** قالت له ما أنت بالمرضي

وكأنه قدر ياء الإضافة ساكنة، وقبلها ياء ساكنة فحركها بالكسر لما عليه أصل التقاء الساكنين، ولكنه غير صحيح، لأنّ ياء الإضافة لا تكون إلا مفتوحة حيث قبلها ألف نحو: عصاي فما بالها، وقبلها باء.
فإن قلت: جرت الياء الأولى مجرى الحر الصحيح لأجل الإدغام، كأنها ياء وقعت ساكنة بعد حرف صحيح ساكن، فحركت بالكسر على الأصل.
قلت: هذا قياس حسن، ولكن الاستعمال المستفيض الذي هو بمنزلة الخبر المتواتر تتضاءل إليه القياسات انتهى.
أما قوله: واستشهدوا لها ببيت مجهول، قد ذكر غيره أنه للأغلب العجلى، وهي لغة باقية في أفواه كثير من الناس إلى اليوم، يقول القائل: ما فيّ أفعل كذا بكسر الياء.
وأما التقدير الذي قال: فهو توجيه الفراء، ذكره عنه الزجاج.
وأما قوله، في غضون كلامه حيث قبلها ألف، فلا أعلم حيث يضاف إلى الجملة المصدرة بالظرف نحو: قعد زيد حيث أمام عمر وبكر، فيحتاج هذا التركيب إلى سماع.
وأما قوله: لأن ياء الإضافة إلى آخره، قد روى سكون الياء بعد الألف.
وقرأ بذلك القراء نحو: {محياي}، وما ذهب إليه من ذكرنا من النحاة لا ينبغي أن يلتفت إليه. واقتفى آثارهم فيها الخلف، فلا يجوز أن يقال فيها: إنها خطأ، أو قبيحة، أو رديئة، وقد نقل جماعة من أهل اللغة أنها لغة، لكنه قلَّ استعمالها. ونص قطرب على أنها لغة في بني يرفوع.
وقال القاسم بن معن وهو من رؤساء النحويين الكوفيين: هي صواب، وسأل حسين الجعفي أبا عمرو بن العلاء وذكر تلحين أهل النحو فقال: هي جائزة.
وقال أيضًا: لا تبالي إلى أسفل حركتها، أو إلى فوق.
وعنه أنه قال: هي بالخفض حسنة.
وعنه أيضًا أنه قال: هي جائزة.
وليست عند الاعراب بذلك، ولا التفات إلى إنكار أبي حاتم على أبي عمرو تحسينها، فأبو عمرو إمام لغة، وإمام نحو، وإمام قراءة، وعربي صريح، وقد أجازها وحسنها، وقد رووا بيت النابغة:
عليّ لعمرو نعمة بعد نعمة ** لوالده ليست بذات عقارب

بفخض الياء من عليّ.
وما في {بما أشركتموني} مصدرية، ومن قبل متعلق بأشركتموني أي: كفرت اليوم بإشراككم إياي من قبل هذا اليوم أي: في الدنيا، كقوله: {إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم} وقال: ويوم القيامة يكفرون بشرككم.
وقيل: موصولة بمعنى الذي، والتقدير: كفرت بالصنم الذي أشركتمونيه، فحذف العائد.
وقيل: {من قبل} متعلق بكفرت، وما بمعنى الذي أي: كفرت من قبل حين أبيت السجود لآدم بالذي أشركتمونيه وهو الله عز وجل.
تقول: شركت زيدًا، فإذا أدخلت همزة النقل قلت: أشركت زيدًا عمرًا، أي جعلته له شريكًا. إلا أن في هذا القول إطلاق ما على الله تعالى، وما الأصح فيها أنها لا تطلق على آحاد من يعلم.
وقال الزمخشري: ونحو ما هذه يعني في إطلاقها على الله ما في قولهم: سبحان ما سخركن لنا انتهى.
ومن منع ذلك جعل سبحان علمًا على معنى التسبيح، كما جعل برة علمًا للمبرة.
وما مصدرية ظرفية، ويكون ذلك من إبليس إقرارًا على نفسه بكفره الأقدم أي: خطيئتي قبل خطيئتكم.
فلا إصراخ عندي أنّ الظالمين لهم عذاب أليم، الظاهر أنه من تمام كلام إبليس، حكى الله عنه ما سيقوله في ذلك الوقت ليكون تنبيهًا للسامعين على النظر في عاقبتهم، والاستعداد لما لابد منه.
وأن يتصوروا في أنفسهم ذلك المقام الذي يقول فيه الشيطان ما يقول، يخافوا، ويعملوا ما يخلصهم منه، وينجيهم.
وقيل: هو من كلام الخزنة يوم ذاك.
وقيل: من كلام الله تعالى.
ولأبي عبد الله الرازي كلام هنا في الشيطان والملائكة يوقف عليه من تفسيره.
{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (23)}.
لما جمع الفريقين في قوله: {وبرزوا لله جميعًا} وذكر شيئًا من أحوال الكفار، ذكر ما آل إليه أمر المؤمنين من إدخالهم الجنة.
وقرأ الجمهور: {وأدخل} ماضيا مبنيًا للمفعول.
وقرأ الحسن، وعمرو بن عبيد: {وأدخل} بهمزة المتكلم مضارع أدخل أي: وأدخل أنا.
وعلى قراءة الجمهور يحتمل أن يكون الفاعل الملائكة، والظاهر تعلق {بإذن ربهم} بـ:{أدخل}.
وقال الزمخشري: فإن قلت: فبم يتعلق يعني {بإذن ربهم} في القراءة الأخرى، وقولك وأدخلهم أنا بإذن ربهم كلام غير ملئتم؟ قلت: الوجه في هذه القراءة أن يتعلق قوله: {بإذن ربهم} بما بعده أي: {تحيتهم فيها سلام}.
{بإذن ربهم} يعني: أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم انتهى.
فظاهر كلامه أنّ بإذن ربهم معمول لقوله: {تحيتهم}، ولذلك قال: يعني أنّ الملائكة يحيونهم بإذن ربهم، وهذا لا يجوز، لأن فيه تقديم معمول المصدر المنحل بحرف مصدري والفعل عليه، وهو غير جائز.
وقال أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الحسن: أدخل برفع اللام على الاستقبال بإخبار الله تعالى عن نفسه، فيصير بذلك بإذن ربهم ألطف لهم وأحنى عليهم، وتقدم تفسير {تحيتهم فيها سلام} في أوائل سورة يونس. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَقَالَ الشيطان}.
الذي أضل كِلا الفريقين واستتْبعَهما عندما عتَباه بما قاله الأتباعُ للمستكبرين {لَمَّا قُضِىَ الأمر} أي أُحكم وفُرغ منه، وهو الحسابُ ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النار النارَ خطيبًا في محفِل الأشقياء من الثقلين {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} أي وعدًا من حقه أن يُنجَز فأنجزه، أو وعدًا أنجزه وهو الوعدُ بالبعث والجزاء {وَوَعَدتُّكُمْ} أي وعْدَ الباطلِ وهو أن لا بعثَ ولا جزاء، ولئن كان فالأصنامُ شفعاؤُكم ولم يصرِّح ببطلانه لما دل عليه قولُه: {فَأَخْلَفْتُكُمْ} أي موعدي على حذف المفعولِ الثاني أي نقضتُه، جَعل خُلفَ وعده كالإخلاف منه كأنه كان قادرًا على إنجازه وأنى له ذلك {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان} أي تسلّطٍ أو حجةٍ تدل على صدقي {إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ} إلا دعائي إياكم إليه وتسويلُه، وهو وإن لم يكن من باب السلطان لكنه أبرزه في مبروزه على طريقة:
تحيةٌ بينِهم ضربٌ وجيع

مبالغةً في نفي السلطان عن نفسه كأنه قال: إنما يكون لي عليكم سلطانٌ إذا كان مجردُ الدعاء من بابه، ويجوز كونُ الاستثناء منقطعًا {فاستجبتم لِى} فأسرعتم إجابتي {فَلاَ تَلُومُونِى} بوعدي إياكم حيث لم يكن ذلك على طريقة القسر والإلجاءِ كما يدل عليه الفاء، وقرئ بالياء على وجه الالتفاتِ كما في قوله تعالى: {حتى إِذَا كُنتُمْ في الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم} {وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ} حيث استجبتم لي باختياركم حين دعوتُكم بلا حجةٍ ولا دليل بمجرد تزيينٍ وتسويل ولم تستجيبوا ربكم إذْ دعاكم دعوةَ الحق المقرونةَ بالبينات والحجج، وليس مرادُه التنصّلَ عن توجه اللائمةِ إليه بالمرة بل بيانُ أنهم أحقُّ بها منه وليس فيه دَلالةٌ على استقلال العبدِ في أفعاله كما زعمت المعتزلة، بل يكفي في ذلك أن يكون لقدرته الكاسبةِ التي عليها يدور فلكُ التكليف مدخلٌ فيه، فإنه سبحانه إنما يخلُق أفعالَه حسبما يختاره وعليه تترتب السعادةُ والشقاوة، وما قيل من أنه يستدعي أن يقال: فلا تلوموني ولا أنفسَكم فإن الله قضى عليكم الكفرَ وأجبركم عليه مبنيٌّ على عدم الفرق بين مذهب أهلِ الحقِّ وبين مسلك الجبرية {مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ} أي بمُغيثكم مما أنتم فيه من العذاب {وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِىَّ} مما أنا فيه، وإنما تعرّض لذلك مع أنه لم يكن في حيز الاحتمالِ مبالغةً في بيان عدم إصراخِه إياهم وإيذانًا بأنه أيضًا مبتلىً بما ابتُلوا به ومحتاجٌ إلى الإصراخ فكيف من إصراخِ الغير، ولذلك آثرَ الجملةَ الاسميةَ فكأن ما مضى كان جوابًا منه عن توبيخهم وتقريعِهم، وهذا جوابٌ عن استغاثتهم واستعانِتهم به في استدفاع ما دهِمهم من العذاب وقرئ بكسر الياء.
{إِنّى كَفَرْتُ} اليوم {بِمَا أشْرَكتمون مِن قَبْلُ} أي بإشراككم إياي بمعنى تبرأتُ منه واستنكرتُه كقوله تعالى: {وَيَوْمَ القيامة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} يعني أن إشراكَكم لي بالله سبحانه هو الذي يَطمِعكم في نُصرتي لكم بأن كان لكم عليّ حقٌّ حيث جعلتموني معبودًا وكنت أوَد ذلك وأرغب فيه، فاليوم كفرتُ بذلك ولم أحمَدُه ولم أقبله منكم بل تبرأتُ منه ومنكم فلم يبقَ بيني وبينكم علاقةٌ، أو كفرتُ من قبل حين أبيتُ السجودَ لآدمَ بالذي أشركتمونيه وهو الله تعالى كما في قوله: سبحان ما سخرّكن لنا، فيكون تعليلًا لعدم إصراخِه فإن الكافرَ بالله سبحانه بمعزل من الإغاثة والإعانة سواءٌ كان ذلك بالمدافعة أو الشفاعة، وأما جعلُه تعليلًا لعدم إصراخِهم إياه فلا وجهَ له إذ لا احتمالَ له حتى يُحتاج إلى التعليل، ولأن تعليلَ عدم إصراخِهم بكفره يوهم أنهم بسبيل من ذلك لولا المانعُ من جهته.
{إِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} تتمةُ كلامِه، أو ابتدءُ كلامٍ من جهة الله عز وجل وفي حكاية أمثالِه لطفٌ للسامعين وإيقاظٌ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبّروا عواقبَهم.
{وَأُدْخِلَ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا بِإِذْنِ رَبّهِمْ}.
أي بأمره أو بتوفيقه وهدايته، وفي التعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم إظهارُ مزيدِ اللطفِ بهم والمُدْخِلون هم الملائكةُ عليهم السلام، وقرئ على صيغة المتكلم فيكون قوله تعالى: {بِإِذْنِ رَبّهِمْ} متعلقًا بقوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سلام} أي يحيّيهم الملائكةُ بالسلام بإذن ربهم. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَقَالَ الشَّيْطَانُ}.
الذي أضل كلا الفريقين واستتبعهما عندما عتباه وقرعاه على نمط ما قاله الاتباع للرؤساء {لَمَّا قُضِىَ الأمر} أي أحكم وفرغ منه وهو الحساب ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار خطيبًا في محفل الأشقياء من الثقلين.